Friday, February 09, 2007

وطن، هجرة وإنتماء

مرحبا
نزولاَ عند طلب صديقتي
نادو، ها أنا أردّ على مجموعة اسئلة طرحتها علينا في مدوّنتها "عبّر". أرجو من القرّاء الكرام قراءة الأجوبة باللبناني يعني بالدارج... شكراً جدّاً جزيلاً ... وإليكم التفاصيل...

1- ما السبب الأساسي الذي دفعكم للهجرة وترك وطنكم؟
كان القرار لأهلي بما إنّو أنا وخيّي كنا بعدنا قاصرين. بهديك الإيّام كان بيّي يشتغل بحيّ السلّم ونحنا سكّان زوق مكايل. بالوضع يلّي كان مارق عا لبنان بالتمانينات، ما كنّا نعرف كيف رح تطّور الأمور بخلال النهار الواحد وبيّي كان يخلّي معو شنطة فيها غيارات بحال تطّورت الأمور نحو الأسوأ وما سمحتلو حالة الطرقات (أكيد ما خصّا بالتلج) إنو يرجع عالبيت. عمومتي كان صارلهن من أوّل الحرب الأهليّة بكندا وعلى طول بينقّوا على بيّي تيقبل إنّو يكفلوه وننقل نحنا كمان عا كندا، بسّ بيّي ما كان يقبل. وبقينا عايشين متل كل هاللبنانيّي ببلدنا وما كان يفضى البيت من القرايب يلّي بيتهجّروا من بيروت والجنوب ومن القرايب يلّي عم يخدموا بالجيش اللبناني والصليب الأحمر... بسّ بال86 مع حرب الأحزاب يلّي قرّبت عالمنطقة الآمنة يلّي كنّا فيها، وإندفاع الشباب الصغار يلّي من عمر خيّي للأحزاب والسلاح والحواجز، طلع القرار الأهل إنو صار فيهن عمومتي يكفلوا بقيّة العيلة وننضم للشعب الكادح بكندا...
أما بالنسبة لإلي شخصيّاًً، ما كان بدّي بولا أيّ شكل إترك حياتي وإخواتي وأصحابي وقلبي وغرامي بالزوق تإجي على بلد في قرايب ما بعرفهن وما بيجمعني فيهن إلاّّ إسم العيلة... بس ألّله ما كان رأيو على رأيي وجينا... على كندا...

2- هل تفكرون بالعودة؟ ولماذا؟ إذا كان الجواب نعم فمتى؟ وإذا كان الجواب لا ما الذي يمنع من حدوث ذلك؟
هل أفكّر بالعودة... إذا مش مع كل نفس باخدو ومع كلّ رفّة جفن، أكيد بفكّر بالرجعة عالبيت مع كل خفقة قلب. صارلي عشرين سنة إلاّ سبع أسابيع بكندا وبعدني عايشة حياتي هون على أساس إنّي مش مطوّلة. ما اشتريت بيت حتّى ما ركّب عليّ دين يربطني هون. ما تجوزت وخلّفت تا ما تصير صعبة ومكلفة ماديّاً ومعنويّاً الرجعة. والله يستر وقتا تركب براسي الأفكار السيّئة متل مثلاً ختير و-لا سمح الله – موت هون!
لماذا... لأنو يلّي ربي وعاش بلبنان على الإيمان بألله وحب الوطن والمساعدة والإنتماء والأخوّة، بجو عيلة محافظة وبعيدة عن الأحزاب والسلاح برّت إطار الجيش الشرعي، ضدّ تبويس الأيادي وإستثمار الحرب والمعتّرين، ما في ينبسط بغير بلد وينتمي إلو بهالسهولة.
ما الذي يمنع العودة... متل ما سبق وقلت بأوّل سؤال، كل العيلة هجرت لبنان، يعني الرابط والحجّة الأهين للرجعة صارت مش كتير مهمّة ومش أساسيّة. إنو بيتنا بعدو -هوّي بالأساس بيت جدّي الله يرحمو، وخالي وعيلتو هلأ عايشين بالبيت، وفي الجيران والأصحاب يلّي ربينا سوى... بسّ ما زال الإم والبيّ مش بلبنان، بتصسر الزيارة أو الرجعة مش إضطراريّة. وبعدين في غير ظروف بتزيد الطين بلّة... مثلاً أوّل ما جينا، إضطرّيت إشتغل لساعد بمصروف البيت وطلّع مصروفي للشغل والدرس والتسلاية، فالعين بصيرة واليد قصيرة. وبعدين، خصوصي لمّا نقلت لغير منطقة كرمال شغل أحسن، صارت الفرص والأعياد مكرّسة لزيارة الأهل بقلب كندا، والفرص هون جمعتين بالسنة فقط لا غير، "سو" كلّفنا خاطركن! بهالعشرين سنة صارلي مجال زور لبنان أربع مرّات الحمد لله أحسن من بلاش. أمّا بالنسبة للعوامل يلّي منعت العودة النهاءيّة لحدّ هلأ، هيدي بتتوقّف على كذا سبب، منبقى منرجعلن بعدين بلكي.

3- في فترة الأعياد كثير من المدونين اللبنانين عادوا الى لبنان للقاء الأهل والأصحاب للإحتفال معهم بالأعياد وفور رجوعهم، رأينا أول بوست يكتبونه هو الكلام عن الفترة التي أمضوها هناك. والجملة الأخيرة تكون "I miss home". فسؤالي لهم لماذا هذا الشوق لا يُستثمر في العودة والبقاء في لبنان؟
بشتاق للبنان أوّل ما بلّش ضبّ الشنط وفكّر إنو لازم ودّع وروح عالمطار تإرجع لحياة مش إلي، وكل مرّة أصعب من يلّي قبلا. بشتاق للبنان هون كل صباح وكل مسا وبكل ضهرة ومشوار وكزدورة لأنو مش بلبنان، وبكل زيارة لعند أهلي على مونتريال، لأنو مش على لبنان، ومع كل غنيّة لفيروز وزكي ناصيف وكل الأغاني يلي ربينا عم نسمعا على صوت لبنان ولبنان الحر وغيرهن...
لماذا لا يُستثمر هذا الشوق في العودة والبقاء في لبنان... السبب الأكبر هوّي الأهل يلّي بلّشو يكبروا وصار لازم كون قريبة منهن، وتاني سبب قلّة الشغل بلبنان يلّي بيسمحلي إرجع على طول وكفّي حاجاتي ومصاريفي وإقدر خلّي كم قرش على جنب كرمال زيارة الأهل بكندا خصوصة بحالة طوارئ لا سمح الله أو إقدر رجّعهن معي على لبنان وإهتم فيهن.

4-ما هي الأشياء التى وجدتموها وتعتبرونها في بلاد الأغتراب أفضل ممن هي عليه في لبنان؟
الحلو هون إنو كل شي متوفّر، خصوصة الإحترام وحرّية الخيار والكلمة والفعل. وبس يعرف الإنسان يحكي ويشارع بالوقت المناسب وللأشخاص المعنيّين بالأمر ويفهم القوانين الغير معلنة بيصير يوصلّو حقّو كامل. الطبابة المجانية حتى ولو مش كلّ هالقد كمان مهمّة خصوصي للمسنّين. وطبعاً الإنترنت يلّي ما بينقطع وبسعر معقول جدّاً أهم شغلة هون أفضل من لبنان.

5- هل أنتم سعيدون هناك؟
من بعد كل يلّي كتبتو هالسؤال صار جوابو منّو وفيه... نشكر الله ربّنا ما تركني ولا تكّي حتّى لمّا كنت عم لومو على تعاستي وحظّي العاطل ببعدي عن كل شي حبّيتو بحياتي. وهلاّ الإشيا أوضح بكتير وأهين ومقبولة أكتر.

6-هل تعتبر نفسك كفرد تستطيع المساعدة لنهوض لبنان إقتصادياً, ثقافياً وإجتماعياً؟ وكيف؟
إيه أكيد بقدر ساعد. انشاألله ردّ على تلفون بمكتب أو بشركة أو بمنظّمة عم تشتغل جدّيّاً على رفع أقتصاد وبنيان بلد وشعب على مستوى بقيّة دول العالم. صحيح ما صارلي إتعلّم كتير وآخد شهادات عالية بس أكيد في كتير مجالات عايزها لبنان غير دكاترة ومهندسين ورجال أعمال وإقتصاد، مجالات مهمّة حتّى ولوّ برستيجا مش يا لطيف، هيك أشغال ومساعدات ما بيصير تنعطى لغير اللبنانيّين وأصلاَ برستيجي ما بخاف شوّهو إذا اشتغلت أقل من غيري كرمال بلدي.
حلمي علّم ولاد صغار بس إرجع عا لبنان. حلمي علّمهن قدّيش حلو لبنان وقدّيشو مهمّ وغالي وقدّيش حلو نكون فرد قلب وإيد بالإيد حتّى تاريخنا التعيس ما يتكرّر على إيّامهن هنّي كمان.

7-الى من توجه إصبع الإتهام بالنسبة للوضع الحالي في لبنان؟
إلى الشعب اللبناني يلّي شاغل حياتو يوجّه اصابيع الإتّهام بدال ما يشتغل عالحلّ ويطحش لقدّام، مع إحترامي للكل أكيد :)

8-هل تضع لبنان على سلم أولويتك واهتمامتك؟
أكيد ومن كل بدّ

9-فرص العمل في لبنان قليلة وهذا ما يؤدي بالشباب اللبناني للهجرة وترك الوطن؟ كيف بإمكاننا نحن الشعب (المواطنين) على تخطي مشكلة كهذه؟

الجواب المتوفّر عندي كتبتو بالسؤال 6. أكتر من هيك، بعتقد الجواب مع الوزير السابق دميانوس قطّار ويا ريت بيصيرلي مجال إسألو وأعرف رأيو والحل يلّي بيعتقد إنو بينفع لبنان.

10-أريد من كل شخص أن يقدم فكرة برأيه من الممكن أن تساعد على تحسن الوضع الإقتصادي في لبنان.
زيادة الضرايب على الناس يلّي معاشاتهن عالية و عم يسرقوا اللقمة من تمّ الفقير وخفض الضرايب عن الناس يلّي معاشاتهن أضرب من أضرب حدّ أدنى بالعالم.

11-السؤال الأخير، بالنسبة لكم، ما هو الوطن؟ هل المكان الذي ولد فيه الفرد، أم المكان الذي يجد نفسه به أم المكان الذي يؤمن له الوسائل الأساسية للعيش الكريم (العمل الراحة الأمان)؟؟
المكان الذي ولد فيه الفرد ووجد نفسه به وهو نفسه المكان الذي يؤمّن له الوسائل الأساسية للعيش الكريم. الوطن هوّي كلهن يلّي بالسؤال. إنّو مثلا ليش الكنديّين بحقّلهن يكون عندن هيك بلد ومش نحنا؟ ليش تا أنا بدّي إجي عيش حياة غيري ببلد مش بلدي الأصلي وإتبنّى عادات وتقاليد ونمط حياة مختلف كلّياَ عن تبعول بلدي الأصلي وشعبي كرمال تا عيش حياة "طبيعيّة"؟
والله بغار وبنقهر كمان لمّا زمايلي بالشغل بيحكوا عن ذكرياتهن يلّي ما فيها قصف وضرب وحواجز، وقطع كهربا وماي وطرقات، وناس ماتت بقظايف أو على إيد واحد أخو شو-إسما-هيدي أجنبي مسلّح طلع عابالو يفشّ خلقو بأهل البلد، وهجرة وتأقلم ببلد جديد مختلف كلّياَ عن الحضارة يلّي بينتمي إلها...

لأجل الشانس حطّوا هالغنيّة عالراديو هلأ:
"
وطني بيعرفني وأنا بعرف وطني
هوّي اغتنى فيّي وأنا بوطني غني
زرعني بقلبو أنا زرعتو بكل الدني
"
ما بعرفا للغنيّة بس بتصوّر هيدا صوت غسّان صليبا إذا مش غلطانة.